الأمل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأمل

الدراسات الإجتماعية


    لمحة عن تاريخ افريقيا

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 65
    تاريخ التسجيل : 11/04/2010

    لمحة عن تاريخ افريقيا Empty لمحة عن تاريخ افريقيا

    مُساهمة  Admin الجمعة مايو 21, 2010 1:23 pm

    إفريقيا الموطن الأول للجنس البشري، ففيها عثر على أول آثار الإنسان. والدليل على ذلك وجود عظام لأحافير اكتشفت في أجزاء من إفريقيا الشرقية والجنوبية. وقد استنتج العلماء من واقع ذلك الدليل أن البشر الأوائل سكنوا منذ مليوني سنة في إفريقيا. والواقع أن الأدوات الحجرية البدائية التي صنعها أولئك الناس هي التي أعطت العصر الحجري اسمه. وحينذاك، انتشرت حضارة العصر الحجري من إفريقيا إلى القارات الأخرى. لمزيد من المعلومات المفصلة عن البشر الأوائل والعصر الحجري،
    ويناقش هذا الفصل الخطوط العريضة للتاريخ الإفريقي. ولمعرفة تاريخ بلد معين، انظر: المقالة الخاصة بذلك البلد في الموسوعة. وانظر أيضاً قائمة المقالات ذات الصلة المدرجة بآخر هذه المقالة.
    دخول الزراعة. حدثت ثورة تنمويةً في إفريقيا القديمة قادت في وقتها إلى تغييرات اقتصادية واجتماعية وسياسية عظيمة. لقد عاش معظم إفريقيا العصر الحجري على صيد الحيوانات المتوحشة وجمع نباتات الطعام، مثل تمر التوت البري والبذور والجذور، كما اعتمد سكان ضفاف البحيرات والأنهار على الأسماك بصورة كبيرة.
    كان الصيادون وجامعو القوت يعيشون في مجموعات صغيرة، ومع تغيُّر المواسم، كانوا يتحركون حركة مرنة من مكان إلى مكان يتبعون فيها هجرات الحيوانات ويبحثون عن نباتات الطعام. وعندما تعلَّم الناس ممارسة الزراعة واستئناس الحيوان، لم يجدوا أنفسهم بحاجةٍ إلى الحركة المستمرة، وإنما انشأوا مواقع سكن مستقرة.
    استغرق انتشار الزراعة في إفريقيا آلاف السنين. ولا أحد يعلم على وجه اليقين متى، وفي أي جزء في القارة بدأت الزراعة. استحدثت الزراعة في بعض المناطق بسبب هجرة أُناس آخرين إليها من مناطق أخرى من القارة. أما في بعض المناطق الأخرى، فيبدو أن الإنسان قد بدأ يجرب النباتات البرية حتى توصل إلى استئناسها ومعرفة الزراعة. ويعتقد بعض العلماء أن الزراعة بدأت في الشرق الأوسط ثم انتشرت غرباً نحو إفريقيا الشمالية. وبحلول عام 5000ق.م، عرف الناس في الشمال استئناس الحيوان وتربيته وعرفوا كيف يزرعون بعض المحاصيل مثل الشعير والقمح. ويعتقد عددٌ آخر من العلماء أن الناس في بعض أجزاء إفريقيا، مثل إثيوبيا وكينيا، ربما يكونون قد طوَّروا الزراعة بطريقتهم الخاصة والمستقلة.
    ويرى العلماء أن مجموعات عدة كانت تسكن أجزاءً من إفريقيا عندما بدأت الزراعة تنمو وتتطور هناك. سكنت الشعوب ذات البشرة الفاتحة في الشمال، وكان الأقزام يجوبون الغابات الوسطى، كما سكنت شعوب الخويسان ذات البشرة المصفرة في الجنوب، وكان الإفريقيون السود في الصحراء، وفي أراضي الحشائش المجاورة. ولم تكن الصحراء الكبرى صحراء بمعنى الكلمة في ذلك الوقت، إنما كانت مروجاً خضراء يطارد فيها الصيادون الحيوانات، على حين كانت جماعات صائدي الأسماك تعيش حول البحيرات والأنهار، ويزرع المزارعون الحبوب ويربون قطعان الماشية.
    ومنذ عام 4000ق.م، بدأ المناخ الإفريقي في التغير التدريجي نحو الجفاف، فتحرك في هذا الوقت جمع من المزارعين جنوباً ومارسوا زراعة محاصيل كالأرز واليام. وتحولت منطقة الصحراء بحلول عام 1500ق.م إلى بيداء جرداء وإلى عائقٍ للحركة المرنة بين إفريقيا الشمالية وباقي القارة. ولكن، ومهما يكن من أمر، فإن طرق التجارة عبر الصحراء ظلَّت وسيلة الاتصال المفتوح بين الشمال والجنوب.
    الحضارات السابقة. استطاعت تربة وادي النيل الخصبة أن تُكوِّن في تاريخ مبكر بعضاً من المجتمعات الزراعية الثرية. وتطورت تلك المجتمعات إلى دويلات، وقامت مدنٌ داخل تلك الدويلات لتخدم كمراكز إدارية وتجارية. تجمعت تلك الدويلات الصغيرة في شكل دولتين كبيرتين ـ مصر العليا (دلتا النيل بشمال مصر) ومصر السفلى (صعيد مصر) ـ في حوالي عام 3400ق.م. وقد توحدت دولتا مصر على يد مينا حاكم مصر العليا في عام 3100ق.م. وأصبحت الدولة الموحَّدة أول حضارة إفريقية ذات شأن وإحدى أعظم الحضارات في تاريخ العالم. وصلت مصر ذروة قوتها عام 1400ق.م. لتصبح فيما بعد جزءاً من الإمبراطورية الفارسية ثم إمبراطورية الإسكندر الأكبر. ثم أخضعت الجيوش الرومانية مصر لسيطرتها في عام 30ق.م، وحولتها إلى ولاية رومانية. واستطاع الرومان في ذلك الوقت أن يسيطروا على طول الساحل الشمالي الإفريقي.
    في عام 2000ق.م، ظهرت مملكة كوش في وسط وشمال ما يعرف الآن بجمهورية السودان، وبقيت حتى عام 350م. وقد تأثرت كوش بمصر كثيراً وكانت مركزاً مهماً للفنون والعلم والتجارة.
    ساعدت التجارة بين الإفريقيين والشعوب الأخرى وبين الإفريقيين أنفسهم على انتشار استعمال المعادن. ويرجَّح أن يكون المصريون هم أول من استعمل الأدوات البرونزية بدلاً من الأدوات الحجرية. ودخلت ظاهرة استعمال البرونز إلى مصر من الشرق الأوسط عام 3000ق.م. وبدأ الناس في إفريقيا الشمالية استعمال الحديد في حوالي عام 1000ق.م. وأصبحت كوش أحد أكبر مراكز تعدين وتصنيع الحديد.
    الهجرة جنوباً. عند ميلاد المسيح، بدأت الشعوب السوداء الناطقة بلغة البانتو إحدى أكبر الهجرات في التاريخ. تحركت هذه الشعوب جنوباً من المنطقة التي تعرف الآن بخط الحدود بين نيجيريا والكاميرون، إلى غابات إفريقيا الوسطى. واتصلت الهجرات جنوباً ما يزيد على ألف عام، كانت المحصلة النهائية لها استقرار الشعوب الناطقة بالبانتو في كل أجزاء إفريقيا الوسطى والشرقية والجنوبية.
    ويعتقد المؤرخون أن الهجرة بدأت واستمرت بسبب الحاجة الدائمة إلى مزيدٍ من الأرض لإعالة الأعداد المتنامية من السكان. وكانت للهجرات آثارٌ واضحةٌ على المناطق التي غطتها. وقد كانت هذه الشعوب تنقل معها معرفتها بالزراعة وأشغال الحديد وهي تتحرك، وصارت لغات البانتو نتيجةً لتلك الهجرات اللغات الرئيسية المستعملة جنوبي الصحراء.
    ويعتقد المؤرخون بأن هجرات البانتو كانت سلمية. لقد قابلت هذه الهجرات، وهي متجهة جنوباً، جماعات صيد كالأقزام في الغابات الوسطى وجماعات الخويسان في الشرق والجنوب. وتزوج بعض الصيادين من البانتو وتأثروا بهم في أسلوب حياتهم إلا أن بعضهم تقهقر وانزوى إما في الغابة وإما في صحارى وسط جنوبي إفريقيا.
    تأثير النصرانية. في القرن الرابع الميلادي، أصبحت النصرانية الدين الرسمي للإمبراطورية الرومانية التي كانت تضم مصر وبقية الساحل الشمالي لإفريقيا. وغزت قبائل الواندال الجرمانية الإمبراطورية الرومانية في القرن الخامس الميلادي. كانت هذه القبائل تدين بمذهب نصراني محظور اسمه الآريوسية. وقضى الواندال على النفوذ الروماني في معظم ساحل إفريقيا الشمالي. وفي القرن السادس الميلادي، وقعت المنطقة مرة أخرى تحت تأثير النفوذ النصراني الأرثوذكسي عندما أصبحت جزءاً من الإمبراطورية البيزنطية.
    وحينذاك، كانت هناك منطقتان إلى الجنوب من مصر وقعتا تحت التأثير القوي للإمبراطورية الرومانية وتأثرتا بالنصرانية الأولى وهما أكسوم والنوبة. وقد تأسست مملكة أكسوم قبل الميلاد في تلك المنطقة التي تعرف حاليًا باسم شمال شرقي إثيوبيا. ازدهرت أكسوم كملتقى طرق بين الإمبراطورية الرومانية والهند وتحولت إلى دولة نصرانية خلال القرن الرابع. وقد هزمت أكسوم دولة كوش المجاورة في عام 350م، ومن ثم تحكمت في كل الطرق البرية والبحرية التي تربط إفريقيا بكل من أوروبا وآسيا. وقد انهارت مملكة أكسوم بعد القرن السادس الميلادي، إلا أن تقاليدها النصرانية بقيت حيةً لتشكل الأساس للكنيسة النصرانية الإثيوبية.
    وعلى أثر سقوط كوش، قامت عدَّة ممالك في وادي النيل في منطقة النوبة. وقد كانت ممالك زراعيةً غنيةً احتفظت بعلاقات تجارية وثيقة مع مصر النصرانية. وقد حولت الإرساليات المصرية النوبيين إلى النصرانية في القرن السادس الميلادي. وازدهرت النصرانية في النوبة مئات من السنين وامتد النفوذ الديني لبلاد النوبة غرباً إلى كثيرٍ من البلاد المجاورة.
    ظهور الإسلام. كان ظهور الإسلام أحد التطورات المهمة في التاريخ الإفريقي. ظهر الإسلام في الجزيرة العربية في أوائل القرن السابع الميلادي. وخلال 100 عام، أقام المسلمون العرب إمبراطورية تمتد من الشرق عبر إفريقيا الشمالية إلى أسبانيا. فتح المسلمون مصر عام 17هـ، 639م، ونشروا الدين الإسلامي في كلَّ إفريقيا الشمالية قبل عام 78هـ، 710م. انقسمت الدولة الإسلامية فيما بعد إلى دويلاتٍ أصغر، ولكن صلات الدين واللغة والتجارة بقيت حيةً تربط المسلمين بعضهم ببعض.
    تقبلت الشعوب التي حكمها المسلمون في إفريقيا الشمالية الإسلام ترحيبًا بتعاليمه وتخلصًا من الحكم الروماني البغيض. ولم تستغرق عملية تحويل أهل إفريقيا الشمالية عن النصرانية والديانات المحلية إلى الإسلام إلا عشرات محدودة من السنين. هذا فيما عدا بعض قبائل البربر الذين كانوا على علاقات وطيدة مع ولاة الرومان. وانتشر الإسلام جنوبي الصحراء بوساطة التجار والمسافرين بصفة رئيسية. فقد كانت قوافل الجمال التي تقطع الصحراء سبب اتصال بين المسلمين الشماليين وغرب إفريقيا. كما قام التجار المسلمون الذين أبحروا إلى ساحل المحيط الهندي بتحويل الشعوب التي تعيش على طول الساحل، فيما يعرف الآن بالصومال وكينيا وتنزانيا، إلى الإسلام.
    كان للمسلمين، إلى جانب نشر الإسلام، آثارٌ أخرى بعيدة المدى في إفريقيا. لقد اهتموا بالعلم وجمعوا وحفظوا كثيراً من المعارف المتوارثة في العلوم والفلسفة والجغرافيا والتاريخ. وأدخل المسلمون إلى إفريقيا أشكالاً من فنونهم المتميزة. وقد تعلَّم كثيرٌ من الإفريقيين الأميين القراءة والكتابة العربية على أيدي المسلمين. وصارت العربية لغةً مشتركةً بين العديد من المجموعات العرقية. وأسس العلماء المسلمون المدارس التي جذبت الطلاب إليها من عدة أماكن.
    ممالك إفريقيا الغربية. بدأت تزدهر في حوالي عام 1000م، ويعزى ذلك أساساً إلى نمو التجارة عبر الصحراء. وكان تجار من بني حفص والمرينيين والزِّناتيين يجلبون الذهب وفول الكولا من غرب إفريقيا إلى تلك الممالك الشمالية. كان التجار يبادلون الذهب وفول الكولا بالملح والنحاس الذي يُستخرج من مناجم الصحراء الكبرى والفاكهة المجففة التي يتم إنتاجها في إفريقيا الشمالية، كما كانوا يبادلون المنسوجات الواردة من أوروبا بالمعدات الجيدة الصنع من الجزيرة العربية. واكتسبت ممالك التخوم الجنوبية للصحراء قوةً وثروةً بفضل السيطرة على تجارة الصحراء. وصارت مدنٌ مثل غاو وتمبكتو مراكز تجارية نشطة. وعندما امتدت طرق التجارة جنوباً تحولت ممالك ودول مثل الأشانتي وبنين وموساي وأويو والمدن الكبرى في إقليم الهوسا إلى مراكز تجارية مهمة.
    ومن المرجح أن تكون مملكة غانا قد تأسست كواحدة من أعظم الممالك في غرب إفريقيا خلال القرن الرابع الميلادي. بلغت المملكة ذروة قوتها في عام 1000م عندما اتسعت لتشمل أجزاء من مالي وموريتانيا. وحلَّت إمبراطورية مالي محل مملكة غانا في القرن الثالث عشر الميلادي كأعظم قوة في الغرب، حيث شملت أجزاءً مما يعرف الآن بجامبيا وغينيا والسنغال ومالي وموريتانيا. وبحلول القرن السادس عشر الميلادي، أصبحت معظم إمبراطورية مالي تحت سيطرة إمبراطورية صنغي التي امتدَّت من ساحل الأطلسي إلى ما هو وسط نيجيريا حاليًا. وظهرت كانم شرقي كل من مالي وصنغي، وقد تأسَّست في القرن الثامن الميلادي ودامت مدة 1000 عام.
    الممالك الشرقية والوسطى والجنوبية. في حوالي عام 1100م، سكنت أعدادٌ متزايدة من التجار العرب المسلمين على سواحل المحيط الهندي فيما يعرف حاليًا بكينيا وموزمبيق والصومال وتنزانيا. وقد ساعد هؤلاء التجار على إقامة تجارةٍ بحرية نشطة ربطت إفريقيا الشرقية بالصين والهند وإندونيسيا وبالبلدان المحيطة بالبحر الأحمر والخليج العربي. كانت موانئ الساحل الشرقي تصدر الذهب والعاج ومنتجات أخرى لتستورد سلعاً مثل الحرير والملابس القطنية والخزف الصيني. وتطورت مستوطنات الساحل الشرقي إلى مجموعة ثرية من المدن الكبرى تشمل كيلوا ومقديشو وممبسا وصوفالا. وأصبح سكان المدن والدول هذه يتحدثون اللغة السواحيلية وأصبحت ثقافتهم مزيجـاً بين الإفريقيـــة المحليـــة والتقالــيد الإسلامية.
    وبزوال الممالك النصرانية في شمال السودان، تأسست ممالك إسلامية كان من أهمها مملكة الفونج (1505- 1820م) التي اختارت مدينة سنار عاصمة لها. انظر: الفونج، مملكة. واستطاع الفونج إحكام سيطرتهم على طرق التجارة المتجهة شمالاً إلى مصر وشرقاً إلى البحر الأحمر. وقامت العديد من الممالك في الغابات وأراضي الحشائش في إفريقيا الوسطى والجنوبية. وأسست بعض الممالك القوية نظاماً معقداً للحكم وتقاليد راسخةً في النحت والموسيقى والأشعار غير المكتوبة.
    وقد قامت هناك إحدى أكبر الممالك التي بدأت تتوسع بعيداً عن نواتها الأولى عند مصب نهر الكونغو (زائير) خلال القرن الخامس عشر ألا وهي الكونغو التي انتعشت حتى أواخر القرن الثامن عشر الميلادي. وثمة مملكةٌ أخرى كبيرة ظهرت في القرن الخامس عشر الميلادي هي مملكة لوبا فيما يعرف بجنوب زائير (الكونغو الديمقراطية حاليًا).كما أن شعب الكرانجا قد أسَّس خلال القرن الخامس عشر إمبراطورية موانا موتابا مكان زيمبابوي وموزمبيق الحاليتين. وقامت إمبراطورية سانجامير بهزيمة موانا موتابا خلال القرن الخامس عشر وأصبحت مدينة زمبابوي عاصمةً لكلتيهما.
    بداية السيطرة الأوروبية. بدأ البرتغاليون في القرن الخامس عشر باكتشاف الساحل الغربي لإفريقيا. وقد كان همُّهم تجارة الذهب. ولهذا فقد أنشأوا محطات في جامبيا وساحل الذهب (غانا الحالية) وفي أراضي الساحل الغربي الأخرى، كما بدأوا محاولة تحويل حكام الكونغو والممالك الأخرى إلى النصرانية. وما أن وصل البرتغاليون إلى إفريقيا الغربية، حتى بدأوا بإرسال الإفريقيين السود كرقيق إلى أوروبا. قاد فاسكو دا جاما حملةً برتغالية في عامي (1497، 1498م) أبحرت حول رأس الرجاء الصالح وحول الساحل الشرقي لإفريقيا ومن ثم إلى الهند. وقد كسب البرتغاليون السيطرة على الدول ـ المدن في إفريقيا الشرقية خلال القرن السادس عشر الميلادي وخلال القرن السابع عشر. استولى الهولنديون على العديد من المحطات التجارية البرتغالية في الساحل الغربي، كما أسَّسوا مدينة الكاب على الطرف الجنوبي لإفريقيا في عام 1652م.
    لقد كانت إفريقيا تصدر الرقيق إلى آسيا وأوروبا قبل وصول البرتغاليين بزمنٍ طويل، إلا أن تأسيس المزارع الأوروبية الكبيرة في الأمريكتين الشمالية والجنوبية في القرن السادس عشر الميلادي أدى إلى ارتفاع معدل الطلب على الرقيق من الإفريقيين. وبحلول القرن التاسع عشر، كان الأوروبيون قد جلبوا إلى الأمريكتين نحو عشرة ملايين من رقيق إفريقيا الغربية. وذهب نحو 500,000 من الرقيق إلى أمريكا الشمالية. وعلى الساحل الشرقي، أرسل التجار الإفريقيون الرقيق إلى زنجبار والدول المحيطة بالبحر الأحمر والخليج العربي.
    لقد جلبت تجارة الذهب والرقيق الثروة والجاه والقوة لعددٍ من ممالك الغابات في إفريقيا مثل مملكة الأشانتي في موقع غانا الحالية.
    وأدخل التجار الأوروبيون إلى إفريقيا محصولي المنيهوت (الكاسافا) والذرة الشامية اللذين صارا محصولين مهمين هناك. كما أدخل الأوروبيون إلى إفريقيا البندقية التي استعملها الإفريقيون بعد ذلك في الحروب فيما بينهم أو ضد الأوروبيين أنفسهم.
    بدأ الأوروبيون حركة اكتشاف داخل إفريقيا خلال أواخر القرن الثامن عشر، بهدف نشر النصرانية وتطوير علاقات تجارية تعتمد على المعادن وزيت النخيل والمواد الخام الأخرى اللازمة للصناعة. وقد تفاءل الأوروبيون الذين عارضوا تجارة الرقيق إذ إن المنتجات التجارية الجديدة ستساعد في إنهاء تلك التجارة. وفي عام 1807م، منعت بريطانيا تجارة الرقيق وتبعتها الولايات المتحدة عام 1808م.
    وتوطد النفوذ الأوروبي وكذلك السيطرة الأوروبية في إفريقيا عن طريق الوسائل الحربية. لقد كان معظم إفريقيا الشمالية جزءاً من الإمبراطورية العثمانية منذ القرن السادس عشر الميلادي. لكن تضاؤل نفوذ هذه القوة أدى إلى أن تعمل القوى الأوروبية من أجل السيطرة على المنطقة. وخلال القرن التاسع عشر، احتلت فرنسا الجزائر وتونس واحتلت بريطانيا مصر والسودان. وبعد عام 1700م، بدأ الهولنديون في جنوب إفريقيا يتحركون من مستوطنتهم في الكاب إلى الداخل، وبدأوا ينتشرون وهم يحاربون الإفريقيين ويخضعونهم لسيطرتهم.
    وعلى الرغم من الوجود الأوروبي المتزايد، ظلت أجزاءٌ كبيرةٌ من إفريقيا بعيدةً عن التأثير الأوروبي حتى منتصف أواخر القرن التاسع عشر الميلادي. وهنالك أحداثٌ كبيرةٌ في التاريخ الإفريقي لم يكن للأوروبيين تأثير فيها. قاد المصلحون الدينيون المسلمون، بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، سلسلةً من الفتوحات في إفريقيا الغربية لتوطيد الدين الإسلامي. وبحلول عام 1860م، حكمت الدول الإسلامية الجديدة معظم أراضي الحشائش الغربية. أما في جنوب إفريقيا، فقد كسبت جيوش الزولو ذات التدريب الجيد سلسلة من الحروب ضد جيرانهم أوائل القرن التاسع عشر الميلادي.
    الحكم الاستعماري. بينما كان النفوذ الأوروبي في الشؤون الاقتصادية الإفريقية يتنامى باطراد عن طريق التجارة، كان الأوروبيون يكسبون المزيد من السيطرة السياسية على أجزاء من القارة. ووضح في الثمانينيات من القرن التاسع عشر وجود تنافس محموم بين القوى الأوروبية للسيطرة على أكبر مساحة من القارة. وبحلول عام 1914م، تقاسمت كل من بلجيكا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا والبرتغال وأسبانيا كل إفريقيا فيما بينها وبقيت إثيوبيا وليبيريا دولتين مستقلتين.
    تأسس الحكم الأوروبي في بعض أجزاء إفريقيا سلمياً عن طريق المعاهدات مع الزعماء الإفريقيين. وقد قاوم إفريقيون آخرون الحكم الأوروبي، فمثلاً نُظِّمت الانتفاضات العنيفة ضد الحكم البريطاني في نيجيريا وفي ما يعرف بغانا حاليًا، وضد الفرنسيين في إفريقيا الغربية والشمالية وضد الألمان في ما يعرف اليوم بتنزانيا وناميبيا. عموماً، أحكم الأوروبيون في منتصف العشرينيات من القرن العشرين سيطرتهم القوية على معظم إفريقيا.
    استمر الحكم الاستعماري لزمنٍ طويل نسبياً إلى أن شرع في الجلاء منذ الستينيات من القرن العشرين عن معظم أنحاء القارة، لكنه، على أية حال، جلب تغييرات كبيرة إلى إفريقيا. أوجد الحكم الاستعماري وحدات سياسية جديدة بحدود تقطع أحياناً أوطان الكيانات القبلية. وقد مكَّنت هذه السيطرة الاستعمار من التحكم في شؤون حكم البلاد الإفريقية. وقد تحدَّت الإرساليات النصرانية التي صاحبت الاستعمار التقاليد الدينية والاجتماعية التي كانت جزءاً من الحياة الإفريقية لزمنٍ طويل. وربط الحكم الاستعماري إفريقيا بنظام اقتصادي مبني على حاجة العالم الخارجي لا على حاجة الواقع المحلي. وكان على المزارعين وعمال المناجم الإفريقيين إنتاج سلع للأسواق العالمية ومواد خام للصناعات الأوروبية.
    وينظر كثير من الإفريقيين إلى حقبة الحكم الاستعماري على أنها تجربةٌ مهينة في تاريخهم. مهما يكن من أمر، فإن الحقبة الاستعمارية استحدثت العديد من التطورات التي أقيمت في الأصل لخدمة المستعمر. فقد ساعد الأوروبيون مثلاً في تطوير الخدمات الطبية، كما ساعدوا في السيطرة على بعض الأمراض. ومع ذلك، فقد تسبب الوجود الأوروبي في جلب أمراض جديدة للقارة لم تكن معروفةً من قبل. وانتشرت مدارس كثيرة بها أنشطة متعددة إلى جانب مهارات أخرى.
    حركات الاستقلال. قاوم كثير من الإفريقيين الحكم الاستعماري منذ البداية. وقد بدأت الجماعات المنظمة في بعض المستعمرات الإفريقية المطالبة بالحكم الذاتي منذ أوائل القرن العشرين. لكن المناداة بالاستقلال لم تصبح حركةً جماهيريةً قوية إلا بعد الحرب العالمية الثانية (1939- 1945م).
    قاد الإفريقيون الذين تعلموا في أوروبا المنظمات التي تدعو إلى الحكم الذاتي في كثير من المستعمرات. وقامت هذه المنظمات مستفيدةً من السند الشعبي لها بتنظيم الإضرابات وحركات المقاطعة والمسيرات. وتطور الشعور المعادي للاستعمار في بعض الأحوال إلى مظاهراتٍ وهجمات وإلى تمرد مسلح. ونتيجةً لذلك، حصلت العديد من المستعمرات على استقلالها في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين. لقد اندلعت ثورة ضد الفرنسيين في الجزائر عام 1954م. ونظراً للوجود الكبير للمستوطنين الفرنسيين، استمرت الثورة ثماني سنوات. وفي عام 1957م، أصبح ساحل الذهب أول مستعمرة إفريقية سوداء تحصل على حريتها. نالت هذه المستعمرة استقلالها من بريطانيا وأخذت اسم غانا. ومنحت كل من بلجيكا وفرنسا وبريطانيا الاستقلال لمعظم مستعمراتها في منتصف الستينيات من القرن العشرين.
    كانت حكومة جمهورية جنوب إفريقيا أكبر عقبة في طريق حركة الاستقلال. وحاربت البرتغال معارك ضارية في أنجولا وموزمبيق قبل منحهما الحرية في عام 1975م. وحارب السود في روديسيا طويلاً ضد حكم الأقلية البيضاء ولم تُنتخب حكومة بأغلبية سوداء إلا في عام 1979م. واعترفت بريطانيا باستقلال روديسيا في العام التالي وأعيدت تسمية القطر زمبابوي. ونالت جنوب إفريقيا استقلالها تماماً عن بريطانيا في عام 1931م، لكن حكومة جنوب إفريقيا البيضاء استبعدت السود كلية من شؤون الحكم عن طريق نظام تفرقة عنصرية متشدد يسمى الأبارتيد.
    وقد سيطرت جنوب إفريقيا على مقاطعة ناميبيا التي تُسمى أيضاً جنوب غربي إفريقيا فيما اعتُبر مشكلة عالمية خلال منتصف القرن العشرين، إذ نظرت معظم الدول إلى هذه السيطرة على أنها غير قانونية. وبعد سنوات من التفاوض، وافقت جنوب إفريقيا في عام 1988م على خطةٍ لاستقلال ناميبيا. وقد عقدت انتخابات عامة في ناميبيا عام 1989م وأصبح ذلك القطر مستقلاً في 21 من مارس 1990م.
    واغتبط الإفريقيون بنيلهم الاستقلال، غير أن قادة كثيرٍ من الدول الناشئة لم يتمكنوا من معالجة العديد من المشاكل التي برزت في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وقد كان لكثير من هذه المشكلات جذوره الاستعمارية قديماً وحديثاً، وارتبط بعضها بفشل الأنظمة في تحقيق التقدم المنشود. وقد أطاح بعض القادة العسكريين بالحكومات المدنية وأقاموا نظماً استبدادية في عدد من البلدان. اشتعلت نيران الحروب الأهلية في كلًّ من الكونغو (كنشاسا) ونيجيريا وتشاد وكذلك في بلدان أخرى.
    إفريقيا اليوم. تواجه بعض الأقطار باستمرار، العديد من المشاكل مثل الفقر والأُمية والأمراض ونقص الطعام. إن فترات الجفاف التي تعم أجزاء من القارة تسهم من وقت لآخر في حدوث نقص مريع في الطعام. وقد كانت فترة الثمانينيات من القرن العشرين أسوأ فترة جفاف تمر بها بعض بلدان القارة، حيث ماتت أعداد كبيرة من الناس والحيوانات نتيجة للمجاعة وما يتصل بها من أمراض. وكان الجفاف مهلكاً في إثيوبيا بصفة خاصة.
    والواقع أن الاعتماد على مُنْتَج واحد أو منتجين اثنين كمصدر للدخل القومي يعوق مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في كثير من البلدان الإفريقية. كما تسَّببت معدلات التضخم العالية في الدول الصناعية في قيام إفريقيا بسداد قيمة البضائع المصنعة التي تستوردها بأكثر مما تتقاضى عن المواد الخام التي تصدِّرها. ومن ناحية أخرى، فإن التنافس العرقي مازال يؤرق كثيراً من البلدان، كما أن الخلافات الإقليمية قد أدت إلى حروب متعددة بين بعض الأمم الإفريقية.
    إن إحدى أكبر المعضلات في إفريقيا كانت مشكلة التمييز العنصري للسود في جنوب إفريقيا. والواقع أن صناعات جنوب إفريقيا وقواتها المسلحة هي الأكثر تطوراً في القارة، كما أن ثروتها المعدنية تزوِّد العالم الصناعي بمواد خامٍ حيوية، لكن سياسات الحكومة البيضاء تجاه الأغلبية السوداء كانت قد أغضبت الدول الإفريقية وجلبت الانتقاد من معظم دول العالم. وقد جعلت الاضطرابات المناوئة للحكومة وأشكال التظاهر الأخرى التي يقوم بها السود في جنوب إفريقيا مركزاً يستقطب اهتمام العالم.
    وقد أُجريت في أوائل مايو 1994م أول انتخابات حرة يشترك فيها البيض والسود. وقد أسفرت تلك الانتخابات عن فوز حزب المؤتمر الوطني الذي يتزعمه نيلسون مانديلا. وقد تم تنصيب نيلسون مانديلا بصورة رسمية كأول رئيس أسود لجنوب إفريقيا في 10 مايو 1994م. وتنتهي بتنصيبه أربعة قرون من الفصل العنصري في تلك البلاد.
    ينظر الكثيرون إلى إفريقيا بتفاؤل برغم مشاكلها. إن أعداداً متزايدة من الإفريقيين ينتظمون في المدارس أكثر من ذي قبل وينمُّون مهاراتٍ لازمةً لتطوير مستوياتهم المعيشية. كما أن الموارد المعدنية القيمة في كلًّ من أنجولا والجابون ونيجيريا، أو في بلدان أخرى، يمكن أن تؤدي إلى بناء قوة اقتصادية متينة.
    تحاول البلدان الإفريقية أن تعمل معاً من أجل حل مشاكلها، ويتم التعاون بصورة طيبة تحت شعار حركة الأفرقة. وتسعى منظمة الوحدة الإفريقية، وهي منظمةٌ للدول الإفريقية، إلى إيجاد حلول للصراعات بين الدول الإفريقية. لقد طوَّر الإفريقيون التجمعات الإقليمية لتقوية التعاون في الشؤون الاقتصادية. فنجد، على سبيل المثال، أن المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا تعمل على تيسير التجارة بين أعضائها. وهناك مجموعةٌ أخرى، وهي مجموعة شرق إفريقيا يتنازع أعضاؤها (كينيا وأوغندا وتنزانيا) على عدد من المسائل. لكن هذه التجمعات لن تحلّ مشاكل إفريقيا بل تُبقِي الأمل فقط في أن التعاون سيؤدي حتماً إلى التقدم وإلى المزيد من الاستقرار في القارة. وفي تسعينيات القرن العشرين تحولت كثير من حكومات الدول الإفريقية من نظام الحزب الواحد إلى نظام التعددية الحزبية

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء مايو 14, 2024 5:52 am